سلام الله عليكم
موقف من حياة عمر بن الخطاب :
لما أراد عمر بن الخطاب الزواج من أم كلثوم بنت أبي بكر وكان حينئذ أمير المؤمنين ... بعث إلى أختها السيدة عائشة رضي الله عنها ... فرحت بذلك عائشة رضي الله عنها وسعدت بهذا الخبر.
أسرعت إلى أختها تبشرها بالنبأ السعيد ..
ففوجئت بأم كلثوم تقول لها : وما أفعل بعمر ؟؟!! ذلك رجل خشن العيش شديد الغيرة لا يملأ رأسه إلا الرعية .. وأنا شابة أريد من يصب علي الحب صبا ويكون عابدا لله .
فاستنكرت عليها لسيدة عائشة رضي الله عنها ... قائلة : يا بنيتي إنه عمر أمير المؤمنين .
فغضبت أم كلثوم وقالت : والله إن لم تتركيني لأصرخن أمام قبر رسول الله إني لا أريد عمر بن الخطاب ...
فحارت السيدة عائشة في أمرها .. وذهبت تستنجد بعمرو بن العاص تخبره أنها حائرة في أمرها ..
ذهب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب وقال له : ألا تتزوج ؟؟
فقال عمر بن الخطاب بسعادة : بلى ... فسأله عمرو بن العاص : ممن ؟
فرد عليه : أم كلثوم بنت أبي بكر رضي الله عنه .. !!
فرد عليه عمرو بن العاص : ومالك وتلك الجارية مات أبوها منذ شهور فتبكي لك باليل والنهار تنعي أباها ..
فنظر إليه عمر بن الخطاب نظرة ذات مغزى سائلا إياه : أو حدثتك عائشة ؟؟
فرد عمرو بن العاص : نعم
ففهم عمر بن الخطاب ثم أومأ برأسه : إذن لا داعي لها ..
كلما قرأت سطرا من هذه القصة أحسست بوجود درس كبير وعبرة عظيمة ..
انظروا غلى جرأة هذه الفتاة الصغيرة وهي ترفض أمير المؤمنين !!
وانظروا إلى هذا المجتمع الرائع الذي تقبل وجهة نظرها باحترام !!
وانظروا إلى حسن تدبير أمنا عائشة رضي الله عنها وعمرو بن العاص في إيجاد طريقة لبقة لإبلاغ عمر بالأمر !!
وانظروا إلى عمر وهو يتقبل هذا الرفض - وهو الفاروق أمير المؤمنين - بروح رياضية !!
وانظروا لأم كلثوم وهي تعلن دون حرج حاجتها لرجل يصب عليها الحب صبا دون أن يتنافى ذلك مع اشتراطها للدين حين قالت : ويكون عابدا لله . ولهذا تزوجت رضي الله عنها بعد ذلك طلحة بن عبيد الله وهو من العشرة المبشرين بالجنة .
المصدر : (( تاريخ الطبري )) الجزء الثالث صفحة 720 وورد في كتاب (( البداية والنهاية )) لابن كثير في الجزء السابع .